جاء في فضل الجلوس للذكر بعد الفجر ، ما رواه الترمذي (586) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ، ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ ) ، وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله في " صحيح سنن الترمذي " .
قال الشيخ محمد محمد المختار الشنقيطي حفظه الله : " وهذا الفضل له شروط :
أولها :
أن يصلي الفجر في جماعة ، فلا يشمل من صلى منفرداً ، وظاهر الجماعة يشمل جماعة المسجد وجماعة السفر وجماعة الأهل إن تخلف لعذر ، كأن يصلي بأبنائه في البيت ، فيجلس في مصلاه .
ثانياً :
أن يجلس يذكر الله ، فإن نام لم يحصل له هذا الفضل ، وهكذا لو جلس خاملاً ينعس ، فإنه لا يحصل له هذا الفضل ، إنما يجلس تالياً للقرآن ذاكراً للرحمن ، أو يستغفر ، أو يقرأ في كتب العلم ، أو يذاكر في العلم ، أو يفتي ، أو يجيب عن المسائل ، أو ينصح غيره ، أو يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، فإن جلس لغيبة أو نميمة لم يحز هذا الفضل ؛ لأنه إنما قال : ( يذكر الله ) .
الأمر الثالث : أن يكون في مصلاه ، فلو تحول عن المصلى ولو قام يأتي بالمصحف ، فلا يحصل له هذا الفضل ؛ لأنه فضلٌ عظيم ، وهو حجةٌ وعمرة تامة تامة ، فهذا فضل عظيم ... ، وتحصيل الفضل العظيم يكون أكثر عناءً وأكثر نصباً ، فيحتاج إلى أن يتكلف العبد في إصابة ظاهر هذه السنة ، فيجلس حتى تطلع الشمس ، ثم يصلي ركعتين ". انتهى من "شرح زاد المستقنع للشنقيطي" .
ثالثا :
من شرط تحصيل الثواب الوارد في الحديث ، أن يشتغل الجالس في ذلك الوقت بالذكر ، والمقصود بذلك غالب وقته ، وإلا قد يعرض للشخص ما يكون سببا في قطع ذكره ، ويستحب له في تلك الحال أن يقطع الذكر ، كأن يقطع الذكر لرد السلام ، أو لتشميت العاطس ، أو أن يخرج من المسجد لكي يتوضأ ، فهذا كله وغيره لا يحصل به تفويت الفضل الوارد ؛ لكون الانقطاع عن الذكر لعذر .
قال النووي رحمه الله في " الأذكار " (ص/46) : " فصل في أحوال تَعْرِضُ للذاكر يُستحب له قطعُ الذكر بسببها ، ثم يعودُ إليه بعد زوالها ، منها : إذا سُلِّم عليه ردّ السلام ثم عاد إلى الذكر ، وكذا إذا عطس عنده عاطسٌ شَمَّتهُ ثم عادَ إلى الذكر " انتهى .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق