.



الصفحات

الزيارات:
كيف نستقبل رمضان؟ وكيف نعيشه؟ 2/2

7- حفظ القرآن ومراجعته وتعهده

عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تعاهدوا هذا القرآن، فوالدي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها" متفق عليه. وقال عليه السلام أيضا: "إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعقلة إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت" متفق عليه .
وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستظهر القرآن على جبريل أمين الوحي خلال شهر رمضان. وفي السنة التي قبض فيها عليه السلام استظهر القرآن مرتين. لذلك يحسن بنا -خلال هذا الشهر المبارك- أن نتعهد ما حفظنا من القرآن الكريم، وأن نستظهره آخر الشهر. فإن نسيان القرآن من أعظم الذنوب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن خزيمه في صحيحه عن أنس رضي الله عنه: "عرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها" . كما ينبغي للمؤمن أن يحفظ كلام الله وإلا فالسور التي ورد الفضل في حفظها وقراءتها كالبقرة، وآل عمران، والكهف، والسجدة، و يس، والدُّخَان، والملك، والواقعة، وما شابه.

8- ذكر الله عز وجل

أما الذكر فهو طب الروح، وكيمياء السعادة، ومجدد الإيمان، والمحصن من الشيطان، والمقرب إلى الرحمن، ومسهل طريق الجنان، والمنجي من النيران. وهو الفرق بين الحياة والموت، قال عليه السلام:"مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت" [1]. فينبغي إحياء القلب في هذا الشهر كما في باقي السنة بالمحافظة على أوراد الذكر، خاصة الإكثار من قول "لا إله إلا الله"، والاستغفار بالأسحار، والصلاة على سيد الأنام صلى الله عليه وسلم. فالصلاة عليه خروج من الظلمات إلى النور، والاستغفار تطهير، ولا إله إلا الله تنوير. وقد أوصى عليه الصلاة والسلام في رمضان بأربع خصال فقال:"استكثروا من أربع خصال: خصلتين ترضون بهما ربكم، وخصلتين لا غناء بكم عنهما. أما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة ألا إله إلا الله وتستغفرونه؛ وأما الخصلتان اللتان لا غناء بكم عنهما فتسألون الله الجنة وتعوذون به من النار" [2].

9- الدعاء ودعاء الرابطة

وللصائم دعوة لا ترد فقد قال عليه السلام: "ثلاثة لا ترد دعوتهم الصائم حين يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم، يرفعها الله فوق الغمام، ويفتح لها أبواب السماء. يقول الرب جل وعلا: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين" . وفي لفظ "حتى يفطر" [3]. فعلينا أن نغتنم هذه الفرصة للتوجه بالدعاء إلى الله تعالى. ونخصص وقت السحر لدعاء الرابطة، وكذلك قبل الإفطار لنعرض حوائجنا وحوائج إخواننا وأحبتنا على المولى تعالى.
يقول فضيلة الأستاذ المرشد حفظه الله في "المنهاج النبوي تربية وتنظيما وزحفا" تحت عنوان: دعاء الرابطة: "ونرى دعاء الرابطة ضروريا لربط المؤمنين في جماعة. فإذا سرى معنى الربط بتكرار المجالسة، وتكرار الوقوف بين يدي الله في الصلاة والعمل المشترك، والدعاء الرابط التقت الصحبة بالجماعة، ولم تكن الجماعة شكلا، ولا الصحبة صحبة انفرادية. ينبغي لكل مؤمن، والأفضل وقت السحر عندما ينـزل ربنا عز وجل إلى السماء الدنيا يدعونا هل من تائب وسائل؟ أن يفتح دعاءه الرابط بالفاتحة، ثم يستغفر الله لذنبه ويسأله لنفسه، ووالديه، وأهله، وولده، وذوي رحمه خير الدنيا والآخرة، ويصلي ويسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى أنبياء الله و رسله، ثم على الخلفاء الراشدين والصحابة والأزواج والذرية، ثم على التابعين وصالحي الأمة وأئمتها، ثم يتلو معمما الدعاء:" ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم"، ثم على المجاهدين في عصرنا، و يعرض على الله حَوْبَتَنا ويستفتح للمجاهدين. ثم يخصص بالدعاء من يربطه بهم رباط الجهاد ويذكر الأسماء، ثم يسأل الله لأمة محمد صلى الله عليه و سلم الرحمة والمغفرة والنصر وخير الدنيا والآخرة، ويتوجه في دعائه هذا لمستقبل الإسلام والخلافة والظهور على الأعداء. بهذا يشعر المؤمن بانتمائه إلى الموكب النوراني موكب الإيمان والجهاد، من لدن آدم إلى بوم القيامة، فيدخل في بركة أمة الخير التي تولاها الله، ويزداد صلة إيمانية ومحبة بمن يدعو لهم عن ظهر غيب من إخوته" [4].

10- قيام الليل والإكثار من النوافل

ذلك لأن الأجر يضاعف سبعين مرة في شهر رمضان. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح رواه ابن خزيمة في صحيحه والبيهقي وابن حبان: "يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، شهر جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعا، من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيمن سواه" ، الحديث. فلنحرص جميعا على الإتيان بالسنن الرواتب مع الأذكار والأدعية المأثورة، مع المحافظة على صلاة التراويح في المساجد أو في البيوت من أجل أهداف تربوية ودعوية. وفي هذا الشهر تلين القلوب فلنتعهدها بالمواعظ في المساجد ما أتيح لنا ذلك.

11- دعوة الصائمين للإفطار في البيت

إطعام الصائم عند الفطر فيه أجر كبير ومنفعة دعوية مباركة، فقد أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم عن رمضان وفضل تفطير الصائم فقال: "من فطر فيه صائماً كان مغفرةً لذنوبه وعتقَ رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء. قالوا: يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر به الصائم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعطي الله هذا الثواب من فطر صائما على تمرة، أو على شربة ماء، أو مَذقة لبن. وهو شهر أوله رحمة، و أوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار" [1]. كما أن استدعاء الأسر بعضها بعضا للإفطار الجماعي فيه تقوية لخصلة الصحبة، وتمتين لروابط الأخوة والتكافل.

12- صلة الرحم

من المعلوم أن صلة الرحم من أهم شعب الإيمان؛ فقد ذكرها الأستاذ عبد السلام ياسين في الشعبة السادسة من الخصلة الأولى من كتاب "المنهاج النبوي". و ذكرها الإمام القصري في "شعب الإيمان" فقال: "أما كونها، أي صلة الرحم، من شعب الإيمان فدليله في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعثه مع العلاء بن الحضرمي إلى أهل البحرين فذكر فيه: "الإسلام إقام الصلوات الخمس، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم شهر رمضان، والغسل من الجنابة، والطّهور قبل الصلاة، وبرّ الوالدين، وصلة الرحم المُسْألة" وذكر الحديث. فجعل صلة الرحم من الإسلام وشعبة من شعبه" اهـ. ثم قال: "واعلم أن الصلة تكون بالمال، وتكون بالزيارة، و بالإحسان، وبالصفح في الأقوال، وبالعفو في الأفعال، وبالألفة في المحبة والاجتماع" . ونقول: وتكون كذلك بالمراسلة، وبالهاتف إن تعذرت الزيارة والحضور. والرحم مشتقة من الرحمن من وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله كما جاء في الحديث. قال الإمام القصري:"فمن وصل الرحم الجسمانية والرحم الإيمانية والإحسانية فقد وصله الله وكان من الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل، ومن قطع الرحم قطعه الله" . وهي باب من أبواب سعة الرزق والبركة في العمر قال عليه السلام: "من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أجله فليصل رحمه" [2]. وصلة الرحم تدخل السرور إلى القلوب وتمتن المودة وهي بذلك من أفضل أبواب الدعوة والتحبيب للخير بالابتسامة والكلمة الطيبة، والزورة الصالحة. والمحروم من حرم الخير، وفي الصحيح: "لا يدخل الجنة قاطع رحم" . وفضيلة الصلة تتأكد في المواسم الصالحة كشعبان ورمضان والعيدين وغيرها من أيام الله.

شارك الموضوع