أخي المسلم، أختي المسلمة
جاءنا المطهر، جاءنا شهر مبارك عظيم، شهر خير وفضل، وموسم نفحات وبركات. كان يستقبله المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه بخطبة جليلة يذكر فيها بفضائله وأسراره فقد حسن الحافظ الترمذي حديثا عن رسول الله جاء فيه:
"خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان فقال:
يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، شهر جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعا، من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يزاد في رزق المؤمن فيه، من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء، قالوا: يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم، قال صلى الله عليه وسلم: يعطي الله هذا الثواب من فطر صائما على تمرة أو شربة ماء أو مذقة لبن، وهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، من خفف عن مملوكه فيه غفر الله له وأعتقه من النار، واستكثروا فيه من أربع خصال: خصلتين ترضون بهما ربكم وخصلتين لا غنى بكم عنهما، فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم: فشهادة أن لا إله إلا الله وتستغفرونه، وأما الخصلتان اللتان لا غنى بكم عنهما: فتسألون الله الجنة وتتعوذون به من النار، ومن سقى صائما سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ بعدها أبدا" .
نعم أخي المسلم أختي المسلمة
أظلنا شهر عظيم علم رسول الله صلى الله عليه والسلام الصحابة وعلمنا معهم كيف نستقبله ونستعد له ونفهم مغزاه وحكمته، ويحاول القصف الإعلامي أن يفسد في الناس معناه وكنهه ومغزاه، يحاول أن يجعل منه شهر أفلام ومسلسلات وسهرات وفكاهات وسخافات وشهيوات وغفلات.
جاءنا شهر توزن دقائقه ولحظاته وأنفاسه بميزان الذهب لو علمنا قيمتها وأجرها وثوابها، لو اجتهدنا أن نجعل منها فرصة للتوبة والإنابة والصلح مع الله، لو حاولنا أن نتخلص من أغلال عادات المأكل والمشرب والمنكح، لو عزمنا أن نتخلص من فضول القول والنظر، لو أمسكنا جوارحنا عن المعاصي والذنوب، لو وجهنا قلوبنا إلى قبلة ربها لتخر لعظمته خاشعة متبتلة شاكرة لآلائه المتواترة المتكاثرة، فيزيدها من فضله وعطائه جزاء شكرها، ويتفضل عليها برحماته وغفرانه ويجعلها من عتقاء الشهر الكريم. فاللهم اجعلنا من عتقاء هذا الشهر فضلا منك ورحمة.
اللهم إنا نبرأ إليك من حولنا وقوتنا وتدبيرنا فخذ بنواصينا إليك وتكرم علينا بحلاوة الإقبال عليك، اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين فنهلك، اللهم أظهر فضلك علينا بما خلقت ونسبت إلينا واجعلنا من التوابين المتطهرين. اللهم وفقنا لصيام نهاره خير صيام، وإحياء ليله بالنوافل والقيام، اللهم وفقنا لعمارة أوقاتنا بالقرآن في شهر القرآن تلاوة وتعلما وتدبرا، ووفقنا للإكثار من الصدقات وصلة الأرحام، وانصر المجاهدين في كل مكان.