ترك ابن بطوطة المدينة المنورة، وواصل
رحلته حتى وصل مكة وأخذ فى وصف أبوابها وطرقها ومعالمها حتى حكى عن حلم رأى فيه
الرسول صلى الله عليه وسلم ثم أهداه أحد الشيوخ جبة ارتداها الصالحين من قبله.
فى وصف مكة
هى مدينة كبیرة متصلة البنیان مستطیلة، فى بطن واٍد تحف به الجبال، فلا يراها قاصدها حتى يصل إليها، والأخشبان
فى وصف مكة
هى مدينة كبیرة متصلة البنیان مستطیلة، فى بطن واٍد تحف به الجبال، فلا يراها قاصدها حتى يصل إليها، والأخشبان
المذكوران فى السيرة النبوية من جبالها هما جبل أبى قبیس، وهو فى جهة
الجنوب والشرق منها، وجبل قعیقعان، وهو فى الغرب منها وفى الشمال الجبل الأحمر.
ومن جهة أبى قبیس أجیاد الأكبر، وأجیاد الأصغر، والمناسك كلها: منى وعرفة
والمزدلفة، بشرقى مكة شرفها الله.
أبواب مكة
أبواب مكة
ولمكة من الأبواب ثلاثة: باب المعلى بأعلاها، وباب الشبیكة من أسفلها، ويعرف أيضاً بباب العمرة، وهو إلى جهة المغرب، وعلیه طريق المدينة الشريفة، ومصر والشام وجدة. ومنه يتوجه إلى التنعیم (مكان الإحرام فى مكة)، وباب المسفل، وھو من جهة الجنوب، ومنه دخل خالد بن الولید رضى الله عنه يوم فتح مكة شرفها الله، كما أخبر الله فى كتابه العزيز حاكیاً عن نبیه الخلیل بواٍد غیر ذى زرع.
الكعبة لا تخلو أبدا من الطائفين حولها
ومن عجائب الكعبة الشريفة أنها لا تخلو عن طائف أبداً لیلاً ولا نهاراً، ولم يذكر أحد أنه رآھا قط دون طائف. ومن عجائبها أن حمام مكة وسواه من الطیر، لا ينزل عليها ولا يعلوها فى الطیران وتجد الحمام يطیر على أعلى الحرم كله فإذا حاذى الكعبة الشريفة ابتعد عنها إلى إحدى الجهات ولم يعلوها ويقال لا ينزل عليها طائر إلا إذا كان به مرض فإما أن يموت لحینه أو يبرأ من مرضه.
خبز أهل مكة يكفى الفقراء جميعا
ولأهل مكة الأفعال الجمیلة والمكارم التامة والأخلاق الحسنة والإيثار إلى الضعفاء والمنقطعین وحسن الجوار للغرباء. ومن مكارمهم أنهم متى صنع أحدهم ولیمة يبدأ فيها بإطعام الفقراء المنقطعین المجاورين، ويستدعيهم بتلطف ورفق وحسن خلق، ثم يطعمهم وأكثر المساكین المنقطعین يكونون بالأفران، حیث يطبخ الناس خبزهم، فإذا خبز أحدهم خبزه وحمله إلى منزله فیتبعه المساكین فیعطى لكل واحد منهم ما قسم له، ولا يردهم خائبین، ولو كانت له خبزة واحدة فإنه يعطى ثلثها أو نصفها بطيب النفس من غیر ضجر.
أيتام مكة يرزقون فى أسواقها
ومن أفعالهم الحسنة أن الأيتام الصغار يقعدون بالسوق، ومع كل واحد منهم قفتان: كبرى وصغرى وهم يسمون القفة مكتلاً فیأتى الرجل من أهل مكة إلى السوق، فیشترى الحبوب واللحم والخضر، ويعطى ذلك الصبى فیجعل الحبوبفى إحدى قفتیه، واللحم والخضر فى الأخرى، ويوصل ذلك إلى دار الرجل ليجهز له طعامه منها، ويذهلب الرجل إلى عمله أو طوافه.
الرسول يأتى لابن بطوطة فى منامه بمكة
رأيت أيام إقامتى بمكة شرفها الله، وأنا إذ ذاك ساكن منها بالمدرسة المظفرية، والنبى صلى الله علیه وسلم فى النوم، وھو قاعد بمجلس التدريس فى المدرسة المذكورة بجانب الشباك الذى تشاهد منه الكعبة الشريفة، والناس يبايعونه، فكنت أرى الشیخ أبا عبد الله المدعو بخلیل قد دخل وقعد القرفصاء بین يدى رسول الله صلى الله علیه وسلم، وجعل يده فى يد رسول الله صلى الله علیه وسلم، وقال: أبايعك على كذا وكذا، وعدد أشیاء منها وأن لا أرد من بیتى مسكیناً خائباً، وكان ذلك آخر كلامه، فكنت أعجب من قوله، وأقول فى نفسى كیف يقول هذا ويقدر علیه، مع كثرة فقراء مكة والیمن والعراق والعجم ومصر والشام.
ابن بطوطة يرتدى جبة الصالحين فى مكة
وكنت أراه حین ذلك لابساً جبة بیضاء قصیرة من ثیاب القطن المدعوة بالقفطان، كان يلبسها فى بعض الأوقات، فلما صلیت الصبح غدوت علیه وأعلمته برؤياى فسر بها وبكى، وقال لى تلك الجبة أهداها بعض الصالحین لجدى، فأنا ألبسها تبركاً. وما رأيته بعد ذلك يرد سائلاً خائباً. وكان يأمر خدامه يخبزون الخبز ويطبخون الطعام ويأتون به إلى بعد صلاة العصر من كل يوم.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق