.



الصفحات

الزيارات:
أهل القرآن

نجد بعضَ الناس يحفَظ القرآن كلَّه أو جُلَّه، لكنه ميِّتُ العزيمة، خاملُ الفكر، وربَما تجده تاركا للصلاة. فمِثل هؤلاء حملة أسفار لا يُعْتَدُّ بهم. إنما يعتد بأهل القرآن، ويُعتبرُ حفظُهم للقرآن تلاوةً واستظهارا وتطبيقا، معيارَ الاختيار، إن كان مع القرآن تقوى. فيكون لزومُهم للقرآن علامةَ حظهم من الله. ويُبْنَى على ذلك أسبقيةُ أهل القرآن لدخول قاعة
الامتحان. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يختار الرجال لإمارة جنده من حفَظَة القرآن. وكانوا على نَمَطٍ عالٍ من الدين،
فدخَلَ معيارُ حفظ سور القرآن للتمييز بين طَيِّبِينَ. وإنه لمعيار خالِدٌ مع ملاحظة الفرق بين أمثالِ الصحابة الذين برهنوا على صدقهم في حفظ كتاب الله تعالى ودينه بالجهاد المُرِّ، وبين أمثال الخوارج الذين وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم يقرأون القرآن لا يتجاوز حناجرهم، وأنهم يَمْرُقون من الدين كما يَمْرُقُ السهمُ من الرَّمِيَّةِ. مع هذه الملاحظة وهذا الحَذَرِ من حَمَلَةِ الأسفار والقُراءِ المارقين يكون حِفظُ القرآنِ، بكل معاني الحفظ، مرشِّحاً معتبرا.
أخرج الطبراني رحمه الله عن عثمان رضي الله عنه قال: «بعث النبي صلى الله عليه وسلم وفدا إلى اليمن، فأمَّرَ عليهم أميراً منهم وهو أصغرُهم، فمَكَثَ أيَّاماً لم يَسِرْ. فلقيَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم رجلا منهم فقال: «يا فلانُ ! مالك؟ أما انطلقت؟» قال: يا رسول الله ! أميرُنا يشتكي رجلَه. فأتاه النبيُّ صلى الله عليه وسلم ونفَثَ عليه: «بسم الله وبالله، أعوذ بالله وقُدرته من شر ما فيه» سبع مرات. فبَرَأ الرجلُ. فقال له شيخٌ: يا رسول الله ! أتُؤَمِّرُهُ علينا وهو أصغرنا؟ فذكر النبيُّ صلى الله عليه وسلم قراءته القرآن. فقال الشيخ: يا رسول الله ! لولا أني أخاف أن أتَوَسَّدَ (أنام) فلا أقومَ به لَتَعَلَّمْتُهُ ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإنما مَثَلُ القرآن كجِرابٍ مَلأتَهُ مِسكا مَوضُوعاً (تضوع رائحته أي تفوح). كذلك مثلُ القرآن إذا قرأته وكان في صدرك»
…”كتاب إمامة الأمة ص-76″

شارك الموضوع

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق