.



الصفحات

الزيارات:
الحوار بين الآباء والأبناء

في القرآن الكريم أثنى الله عز وجل على عباد له وسماهم عباد الرحمن، ومن بين ما مدح فيهم طلبتهم من الوهاب الذرية الصالحة حيث قال سبحانه" وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا . وذكر القرآن دعاء بعض أنبياء الله الكرام هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُۥ قَالَ رَبِّ هَبْ لِى مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ ٱلدُّعَاء وقال سبحانه على لسان إبراهيم عليه السلام رَبِّ هَبْ لِى مِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ ".
يبين الإمام المجدد عبد السلام ياسين رحمه الله في كتابه "تنوير المؤمنات" مكانة الأسرة في الأمة ومقومات الأسرة الصالحة حيث قال "الأسرة لبنة الأساس في الأمة، والأسرة الصالحة أم صالحة وأب صالح وعمل صالح" . صلاح الأم والأب وصلاح العمل وأساس العلاقة بين مكونات الأسرة آباء وأبناء مصدره ارتباطهم بالله عز وجل وامتثالهم لأمره سبحانه وأمرِ رسوله صلى الله عليه وسلم. العلاقة بين الآباء والأبناء في الأسرة المسلمة تقوم على عبادة الله بمعناها العام، وحرصُ الأبوين أساسه خوف ورجاء، خوف يمتثل أمر الله في قوله عز وجل" يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَٰئِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ" وقولِ الحبيبِ المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الشيخان رحمهما الله عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راعٍ ومسئول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها والخادم راعٍ في مال سيده ومسئول عن رعيته، وكلكم راعٍ ومسئول عن رعيته" . ورجاء أن يهبهما الله الكريم المنان الذرية الصالحة لا ينقطع بها عملهما إلى يوم القيامة. أخرجه الإمام أحمد رحمه الله في مسنده قوله صلى الله عليه وسلم "إن الله عز وجل ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول يا رب أنى لي هذه فيقول باستغفار ولدك لك" .
الأبوان عبد وأمة لله خلقهما لعبادته ومنّ عليهما بالحياة ابتلاء ليكونا ممن أحسنوا العمل، والعلاقة مع الأبناء عمل من الأعمال المأموران بها، وإنما الأعمال بالنيات. يقول الإمام رحمه الله في نفس المصدر السابق "إن نوعية الصلة في الأسرة بين الوالدَين والمولودِين، وصِدقَ التوجيه، وحنانَ المشفِقة والمشفِق على البنات والبنين ينبغي أنْ تعكس روح الوَلاء لله رب العالمين، والبَراءِ من أعداء الله المارقين" .
أخبرنا الله الكريم أنه يحفظ الذرية إذا كان الأبوان صالحين في قوله سبحانه: " وَأَمَّا ٱلْغُلَاٰمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَٰنًا وَكُفْرًا فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَوٰةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا" . يقول محمد بن المنكدر "إن الله يحفظ العبد المؤمن في ولده، وولد ولده، ويحفظه في دويرته ودويرات حوله ما دام فيهم، فلا يزالون بحفظ من الله وستر" . كرم من الله يلحق بالصالحين ذرياتهم الصالحة يوم القيامة ولو لم يبلغ بهم عملهم لقوله عز من قائل: " وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا وَٱتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَٰنٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَٰهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَىْءٍ كُلُّ ٱمْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ" .
الكلام في هذا المقال ينبني على أن المخاطب أسرة مسلمة تسعى لأداء ما أوجب عليها شرع الله بل أن تتجاوز ذلك المستوى وتطلب رضى الله ورسوله في العمل، في صحيح البخاري رحمه الله عن عائشة رضي الله عنها قالت: "دخلت امرأة معها ابنتان لها تسأل فلم تجد عندي شيئا غير تمرة فأعطيتها إياها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها، ثم قامت فخرجت فدخل النبي صلى الله عليه وسلم علينا فأخبرته فقال: من ابتلي من هذه البنات بشيء كن له سترا من النار" . وروى البخاري في الأدب قوله صلى الله عليه وسلم "مَنْ يَلِي مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ شَيْئًا فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنْ النَّارِ" .
يعرف الحوار بأنه محادثة بين طرفين أو أكثر تتضمن تبادلا للآراء والأفكار والمشاعر سعيا للتقارب وتحقيقِ قدرٍ أكبر للتفاهم. والمعنى العام للحوار هو الرجوع، ويتحاورون: أي يتراجعون الكلام، حار يحور حورا إذا رجع، العرب تقول الباطل في حُور أي في رجع ونقص، والتحوير الترجيع. والحَوْرُ الرجوع عن الشيء إلى غيره، والحارة مكان اجتماع مساكن الناس ووجه التسمية أنهم يرجعون إليها كلما ذهبوا عنها. في لسان العرب التحاور التجاوب. واستحاره استنطقه. في كتاب الله قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما . وقوله سبحانه إذ يقول لصاحبه وهو يحاوره .
يكتسب الحوار أهميته من كونه وسيلةً للتآلف والتعاون وبديلاً عن سوء الفهم والتقوقع والتعسف. وهو من وسائل الاتصال والتداول الفعالة التي تؤدي إلى التقارب بين المتحاورين وفهم بعضهم لبعض، فيتعاونون لمعرفة الحقيقة والتوصل إليها ويكشف كل طرف منهم ما خفي عن صاحبه منها. الحوار مطلب إنساني يحقق التوازن بين حاجة الإنسان للاستقلالية، وحاجته للمشاركة والتفاعل مع الآخرين.
يؤكد المهتمون بأدبيات التربية بأن للحوار أثرا في تنمية قدرة الأفراد على التفكير المشترك والتحليل والاستدلال الصحيح للوصول إلى الحقيقة، كما أنه من الأنشطة التي تحرر الإنسان من الانغلاق والانعزالية وتفتح له قنوات للتواصل، والحوار طريقة للتفكير الجماعي.
يتسم المنهج القرآني بالرفق واللين في الحوار مع المخاطبين لاستمالتهم حتى ولو كانوا مشركين، فهو يخاطب العقل والعاطفة معا. أرشد الله نبيه الكريم إلى دعوة قومه بالرفق واللين واعتماد أسلوب الإقناع والترغيب عامة، قال سبحانه في سورة سبأ: " قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ قُلِ ٱللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِى ضَلَٰلٍ مُّبِينٍ قُل لَّا تُسْـَٔلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْـَٔلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِٱلْحَقِّ وَهُوَ ٱلْفَتَّاحُ ٱلْعَلِيمُ قُلْ أَرُونِىَ ٱلَّذِينَ أَلْحَقْتُم بِهِۦ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ ٱللَّهُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ وَمَا أَرْسَلْنَٰكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" .
تنوعت أشكال الحوار وتعددت أصنافه في القرآن الكريم. من أشكاله حوار الله العلي الكريم مع ملائكة ومع اللعين إبليس ومع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وذكر القرآن حوار الأنبياء والصالحين من عباد الله مع أقوامهم، وذكر حوار الإنسان مع بعض مخلوقات الله تعالى، في قصة الهدهد مع سيدنا سليمان عليه السلام درس وعبرة عظيمة، رسول ملّكه الأرض يحكم الجن والإنس وسخر الله له الرياح يحاور طائرا ضعيفا يعطيه الحق في إثبات حجته وينصت له ولا يقاطعه، فاللهم علمنا وخلقنا بأخلاق الكمَّل من عبادك.
ومما ذكره القرآن من الحوارات حوار الآباء مع الأبناء وعرض نماذج متنوعة: حوار الأب الصالح مع الابن الصالح نموذج سيدنا إبراهيم مع سيدنا إسماعيل عليهما السلام، الخليل مأمور من قبل الله بذبح الابن ويحب أن يكون الامتثال من الابن استجابة لا إكراها فيحاوره في ذلك. وحوار ثان لأب صالح يعظ ابنه ويلطف به كي يعبد الله ويتخلق بالخلق الحسن على أكمل وجه. حوار ثالث يعرضه القرآن لأب صالح مع الابن العاصي نموذج سيدنا يعقوب عليه السلام مع أبنائه إخوة سيدنا يوسف عليه السلام قبل توبتهم، ورابع يحاور فيه الأب الصالح ابنه الكافر يدعوه للإيمان بالله نجد ذلك في قصة سيدنا نوح عليه السلام مع ابنه، وحوار خامس يدعو فيه الابن الصالح أباه أو عمّه الكافر، النموذج سيدنا إبراهيم عليه السلام مع أبيه آزر.
كما عرض القرآن الكريم نموذجا سيئا للمحاورة وأصحاب الأحكام المسبقة ويتجلى ذلك في محاورة بني إسرائيل لمريم العذراء البتول والحكم المسبق قبل السماع منها "فأتت به قومها تحمله....".
الحوار بين الأب وابنه يقوم على النهوض بالابن والاستماع إليه، وأن يشعر أثناء الحوار أنه في أمان، وأنه بالإمكان أن يدلي بآرائه، ولو أنها لا تعجب الأب ينبغي أن يتحلى بالصبر وضبط النفس، فالمحاورة تمكن من معرفة طريقة التفكير عند الابن وملاحظاته بل وانتقاداته ولغته. وقد يتكامل الأبوان في هذا لأن الابن والبنت ينفتحان عموما على أحدهما أكثر من الآخر وغالبا ما تكون الأم لما أودع الله فيها من رفق ولين جانب وعطف عليهم. أما أسلوب الزجر والشتيمة والنقد فهو من أخطر أساليب الحوار بين الآباء والأبناء، والشدة تعلم الأولاد النفاق والكذب. الموفق من الآباء يحرص أن يكون محبوباً من قبل أولاده لا أن يكون محترماً عندهم.
هناك معيقات للحوار مع الأبناء، إن كانت أو كان بعضها لا يكون الحوار معهم قطعا، وإذا قد تكون نتائجه غير مرضية لا قدر الله. من المعيقات:
• التسلط والاستبداد من قبل الأبوين أو أحدهما. عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما كان الفحش في شيء إلا شانه وما كان الحياء في شيء إلا زانه" الإمام أحمد والبخاري في الأدب المفرد رحمهما الله. قيل المراد بالفحش العنف.
• القدوة السيئة؛ الأبوان ينهيان عن شيء ويأتيانه.
• عدم الثقة المتبادلة بين الآباء والأبناء أو ضعفها.
• اعتقاد أحد الطرفين عدم أهلية الطرف الآخر للحوار.
• الأحكام الجاهزة والمسبقة.
• عدم الإنصات للطرف الآخر ومقاطعته أثناء الكلام.
• نقص في المعلومات حول موضوع الحوار.
• عدم الإلمام بمهارات الحوار وتعويض ذلك بفرض الرأي على الطرف الآخر.
• ممارسة الأستاذية على الأبناء.
• القمع عندما يكون الرأي مخالفا.
• ظن الأبوين أو أحدهما أن للأبناء نفسَ رؤيتهما للأشياء ونفسَ التقدير.
• ينبغي أن يكون الكلام قاصدا ومركزا. إذا أكثر الأب وأطال يضعف التركيز ويشرد الذهن. نموذج وصايا لقمان عليه السلام لابنه، كلمات واضحة المعنى قاصدة بعضها أرفق بتعليل أو شرح من غير إطالة.
• الرفق واللين، أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بلين الجانب للمؤمنين في قوله عز وجل:" واخفض جَنَاحَكَ لِمَنِ اتبعك مِنَ المؤمنين ". وأثنى تعالى على نبيه باللين للمؤمنين في قوله:" فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ الله لِنتَ لَهُمْ وَلَو كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ القلب لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِك" . أمر الله سيدنا موسى وسيدنا هارون باللين في القول لفرعون في قوله سبحانه: " ٱذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُۥ طَغَىٰ فَقُولَا لَهُۥ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُۥ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ" .
نعرض نموذجا نبويا في اللين والرفق، أخرج الإمام أحمد في مسنده عن أبي أمامة رضي الله عنه قال:"إن فتى شابا أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، اءذن لي بالزنا!، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه، فقال: ادنه، فدنا منه قريبا، قال: فجلس، قال: أتحبه لأمك؟، قال: لا واللَّه، جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، قال: أفتحبه لابنتك؟، قال: لا واللَّه، يا رسول اللَّه جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا واللَّه، جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم، قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: لا واللَّه، جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم، قال أفتحبه لخالتك؟ قال: لا واللَّه جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم قال: فوضع يده عليه وقال: اللَّهمّ اغفر ذنبه وطهر قلبه، وحَصِّنْ فرْجَه، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء" .
• مراعاة تعبيرات الوجه وحركات الجسم ونبرة الصوت كلها من العناصر المهمة في عملية الحوار، قد يسمع الأب ما لم يكن متوقعا أو مظنونا – قصة الشاب السالفة الذكر، في مثل هذه المواقف تظهر قوة المربي قال تعالى : "وَٱلْكَٰظِمِينَ ٱلْغَيْظَ وَٱلْعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ" وقال عليه الصلاة والسلام "ليس الشديد بالصرعة ـ إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" [1].
• القاعدة الأولى هي فهم خصائص النمو لدى الأبناء وحاجاتهم والإلمامُ بطبائعهم، فمن الأبناء السهل والحنون والمنفتح والمتكتم والمنغلق على نفسه والمشاكس وصاحب النكتة وشديد الطباع والمتمرد والمعاند والمغرور بنفسه والغيور.. اختلاف طبائعهم وقدراتهم والتفاوت في الإدراك يحتم على الآباء التنويع في طريقة الحوار وعدم تعميم الأسلوب أو النمط الواحد.
• القاعدة الثانية هي الجمع بين الإنصات والحوار، عرض لنا القرآن الكريم نماذج حاور فيه القوي القهار ذو الجلال والجبروت والعظمة بعضا من مخلوقاته منهم المطيع المؤتمر بأمره الملائكة الكرام: " وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَٰئِكَةِ إِنِّى جَاعِلٌ فِى ٱلْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّى أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ، ومنهم العاصي المتكبر إبليس قَالَ يَٰإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ ٱلسَّٰجِدِينَ قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُۥ مِن صَلْصَٰلٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ ".
الأبوان وإن كانا طرفا في الحوار فالأصل فيهما مربيان، والمطلوب إلى المربيين أن يكونا قدوة حسنة للأبناء، بل يجتهدان ليكون الحوار ذاته درسا تلقينيا للأبناء في فن التعامل مع "الغير" عكس ما يلقنون في بعض المواد الدراسية.
• القاعدة الثالثة نقد الفكرة الخاطئة وليس انتقاد صاحبها وينبغي عدم الانتقاص منه أو تسفيهه أو الاستهزاء به وما شابه هذه النواقص عند بعض الآباء. كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يستعمل "ما بال أقوام" دون أن يسمي. نهانا القرآن الكريم أن نتنابز بالألقاب أو أن يسخر المؤمنون بعضهم من بعض والأبناء من المؤمنين قال تعالى:" يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِٱلْأَلْقَٰبِ بِئْسَ ٱلِٱسْمُ ٱلْفُسُوقُ بَعْدَ ٱلْإِيمَٰنِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا ٱجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ".
• القاعدة الرابعة أثناءَ الحوار مع الأبناء ينبغي احترام شخصية الابن والحفاظ على كرامته، بل إذا لزم الأمر تبجيله والثناء عليه بالصدق وليس كذبا.
• القاعدة الخامسة الوفاء بالوعود التي نعطيها للأبناء عند محاورتهم.
• القاعدة السادسة نحرص في الحوار أن نصل إلى نتيجة طيبة لا أن ينتصر الأبوان لرأيهما.
• القاعدة السابعة الأبوان العاقلان يعطيان المخطئ من الأبناء فرصة ثانية ليعود إلى الصواب ويترك الخطأ، ينبغي أن نتخلق بأخلاق الله.
• القاعدة الثامنة غض الطرف عن بعض فلتات اللسان وقد نعالجها لاحقا وإذا أخطأ أحد الأبوين يعتذر لأن الاعتراف بالخطإ فضيلة والكمال لله والعصمة للأنبياء، وهذا خلق يقتبسه الأبناء من الآباء.
الكلام حول المعيقات والعناصر والقواعد إنما هو كلام عن الأسباب، والأسباب لا يأتي منها شيء إن لم يكن التوجه والدعاء الدائم في الصلوات والخلوات لرب الأسباب فهو الهادي إلى صراطه المستقيم وهو مالك وملك القلوب ومقلبها، نسأله جلت قدرته أن يهبنا من الصالحين وأن يصلح أبناء المسلمين.

بقلم: الأستاذ محمد بارشي


شارك الموضوع

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق