.



الصفحات

الزيارات:
الأدب مع كتاب الله تعالى

«القرآن شفاء لما في الصدور، شفاء ورحمة للمؤمنين. على تلاوته وحفظه ومدارسته والعكوف عليه مدار طب القلوب وإعدادها لتمتلئ إيمانا. هو النور.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه فيما بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وذكرهم الله فيمن عنده". رواه مسلم وأبو داود وغيرهما.
وعد من الله ورسوله. فمن يسكن أنفسنا من اضطراب الحياة اليومية، وموجان الفتنة في العمل والشارع والبيت، إلا سكينة مجالس القرآن؟ تغشانا فيها الرحمة ويذكرنا الله فيمن عنده!
كل مجالسنا وأحاديثنا تدور حول القرآن ومعانيه، حول وعده ووعيده، حول بشارته ونذراته، حول رحمة الله وحكمته، حول ذكر الله نفسه بالعزة، والعظمة، والألوهية والربوبية، وذكره أحبابه بخصال الإيمان، والمصير إلى الجنان وذكره أعداءه بخصال الكفر، والنفاق، والمصير إلى النار، حول قصص من سبقنا لنتعظ، حول أحكام الله لنتقيد بها.
لا أقل من أن يتلو المؤمن جزءا (حزبين) كل يوم صباحا ومساء.»[1].
«أفضل التلاوة ما كان في الصلاة فرضا، ثم نفلا في جوف الليل. وللتلاوة آداب مفروضة هي الطهارة التامة. والترتيل والتجويد والتغني بالقرآن وتحسينه بالصوت من المكملات. وعلى المومنات أنْ يتعلمن مخارج الحروف وأصوات الأداء كما حققها علماء القراءات الذين لولا نعمة الله عليهم بخدمة القرآن لتحول لساننا أعجميا ألْكنَ. جزاهم الله عنا خيرا.
إن القرآن الكريم كتاب الله فينا، كتاب هُدى ويقين، ونور، وحكمة، وتبيان، وتعليم، وبشارة، ونذارة، وتشريع، وبركة. هو حبل الله فينا.
من آداب تلاوته وترتيله نبدأ، ثم نعظم كلام الله ونستحضر كلام مَن هو، ونقف مع آيات الوعد والوعيد، وننصرف بالكلية إليه تاركين الوساوس الدنيويـة، ونتدبر آيات خاطبت العقل، وأخرى توجهت إلى العاطفة، وأخرى ضربت الأمثال، وأخرى قصت أحسن القصص، وأخرى شرعت حدود الله، وأخرى حذرت من معاصي الله، وأخرى حملتنا إلى الآخرة لنشاهد نعيم الجنة وعذاب النار وهول الموقف. كل ذلك يا نفسُ موجَّهٌ إليكِ، أنتِ المعنية به لا غيرُكِ، وهو سبحانه أقرب إليكِ من حبل الوريد.
من المومنين من لا تسعفه الدمعة الخاشعة وإن كان القلب لينا، وقد يكون من المومنات من لا تسعفها الدمعة. لهؤلاء وصية من رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا".»[2].
«ولاستماع القرآن آداب.
ويكون للمؤمن ورد للحفظ، يبدؤه بالسور والآيات الفاضلة القصيرة، مثل آيات الكرسي، وسور يس، والسجدة، والملك، وسور المفصل. فما حفظ أكثر من تلاوته والقيام به لئلا يتفلت.
ثم يعمد إلى الزهراوين البقرة وآل عمران، ويعقد مع الله تعالى عقدا أن يحفظ القرآن كله قبل موته، ويستعينه على ذلك، ويبذل كل الجهد. فإنه إن مات دون غايته وقد بذل الجهد، يبعثه الله إن شاء الله على نيته يوم يقال لقارئ القرآن: اقرأ وارق. يوم التغابن والحسرة إذ يقرأ المجاهدون فيرقون أمام أعين من فاتهم الحفظ.»[3].
بعض آداب (تلاوة القرآن):
1-         أن يكون القارئ طاهرا من الحدثين.
2-         أن يستاك تطهيرا وتعظيما للقرآن.
3-         أن يستقبل القبلة ما أمكنه ذلك.
4-         أن يكون نظيف الثوب والبدن.
5-         البدء بالاستعاذة لقوله تعالى:)فإذا قرأت القرءان فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم([4].
6-         أن يقرأ في خشوع وتفكر وتدبر.
7-         أن يكون قلبه حاضرا؛ فيتأثر بما يقرأ تاركا حديث النفس وأهواءها.
8-         أن يتجاوب مع معاني القرآن، فإذا قرأ آية رحمة دعا بها لنفسه، وإذا قرأ آية عذاب تعوذ منه، وإذا قرأ آية سجود سجد...
9-         يستحب له أن يبكي مع القراءة فإن لم يبك يتباكى.
10-  أن يزين قراءته ويحسن صوته بها.
11-  أن يتأدب عند تلاوة القرآن الكريم، فلا يضحك، ولا يعبث ولا ينظر إلى ما يلهي بل يتدبر ويتذكر كما قال سبحانه وتعالى:) كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ(.[5]
12-  كما أن على سامع القرآن أن يقبل عليه بقلب خاشع ويتفكر في معانيه، ويتدبر في آياته، ويتعظ بما فيه من حكم ومواعظ، وأن يحسن الاستماع والإنصات لما يتلى من قرآن حتى يفرغ القارئ من قراءته، قال تعالى:) وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ( [6].
وقلت:
جاءك النور في كتـــــــــــــــــــــاب مبينٍ              هو قرآنُ ربّنا، هل قرأْتــــــــــــــــــــــه؟
جاءك النور والهُدى في كتــــــــــابٍ        مُصحفٌ في الرفوفِ ثَمَّ طَويته
جاءك الذكرُ في كتـــــــــــــــــاب كريمٍ        جاءك الذكرُ، خُنتَهُ ونســـــــــــيته
جاءك الهَدْي في كتاب حــكيم         للصراط القويم، هَلاَّ سَلكتَه؟[7]





[1]  المنهاج النبوي، ص : 155-156.
[2]  تنوير المومنات، ص: 279-280.
[3]  المنهاج النبوي، ص: 156.
[4]  سورة النحل، الآية: 98.
[5]  سورة ص، الآية: 28.
[6]  سورة الأعراف: 204.
[7]  المنظومة الوعظية، ص: 41-42.

شارك الموضوع