في مجتمعاتنا العربية، التي تُمايز بين الذكر والأنثى لاعتبارات اجتماعية واقتصادية عديدة، يصبح إنجاب الذكور غاية تبحث عنها الكثير من الأسر والعائلات، خاصة تلك التي ترتبط بالعائلات الكثيرة الأفراد، والتي مرّت بتجربة إنجاب إناث دون ذكور.
ورغم أن الكثير من الناس يبحثون عن إنجاب الذكور، إلا أن الغالبية تؤكد على أهمية إنجاب الإناث في العديد من الأمور الحياتية، فهنّ باب رزق للعائلة، يحملون هم العائلة أكثر من الذكور، ويمتلكون حناناً وعطفاً كبيراً في قلوبهم يجعلهم يتابعون شؤون آباءهم وأمهاتهم حتى بعد أن يتزوجنّ، وفوق ذلك فإن تربيتهم تربية صالحة تدخل الوالدين الجنة بإذن الله، كما وعد الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.
وفي سبيل إنجاب الذكور، تلجأ الكثير من النساء، خاصة أولئك اللواتي رزقهنّ الله ببنات، للبحث عن حلول طبية أو غذائية أو صحية، لإنجاب الذكور.
وفي هذا التحقيق، يشارك مراسلو موقع (لها أون لاين) من عدّة عواصم عربية، ليقدموا أكثر الطرق المتبعة لدى الأسر العربية المختلفة للوصول إلى إنجاب الذكور، مستشهدين بآراء متخصصين وأطباء.
هل أثبت العلم حقاً قدرة الأزواج على إنجاب الذكور؟
رغم حرص غالبية الأسر المسلمة في الدول العربية على إنجاب الذكور، إلا أنهم يدركون تماماً أن تحديد النوع مرتبط في الأساس بالخالق الذي يعطي الإناث لمن يشاء، ويعطي الذكور لمن يشاء، ويجعل من يشاء عقيما. غير أن البعض يحاول استغلال العلم الحديث في تحديد النوع أثناء الإخصاب في حال طفل الأنابيب، ويغلب على تحديد النوع بعض المعتقدات الخاطئة وراء نهم البعض بإنجاب الذكر.
تؤكد الدكتورة سناء نحلة (استشارية النساء والولادة في جدة) أنه ومنذ الثمانينات والأبحاث جارية لاختيار جنس المولود والقاعدة العلمية المعروفة تقول: إن جنس المولود يحدد بنوع (الكروموسوم) الذي يحمله الحيوان المنوي إما أنثوياً أو ذكرياً، في حين أن بويضة الأنثى لا تحمل إلا الكروموسوم الأنثوي، ورغم كل التقنيات الطبية الحديثة إلا أن مشيئة الله الغالبة "لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور".
الدكتور أسامة العوضي (أخصائي النساء والتوليد في مصر) يجيب على السؤال حول قدرة العلم على مساعدة الوالدين بإنجاب الذكور بالقول: "لا يوجد ما يؤكد صحة هذا العلم، أي أن يقوم الطبيب بتحديد نوع الجنين. إذ إن العلم الحديث يؤكد أن هذا التحديد ليس مرتبطاً بالمرأة وحدها".
ورغم أن المسلمين وأصحاب الأديان السماوية عموماً يعرفون أن إنجاب الذكور والإناث مرتبط بإرادة الله عز وجل، والذي يقول في محكم التنزيل { يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ} فقد توصل العلم الحديث إلى أنه ليس بمقدور أحد أن يحدد نوع الجنين بشكل نهائي.
كما نفى الدكتور العوضي ما يردده البعض من أن الرجل أو المرأة مسؤولان عن تحديد نوع الجنين، مؤكداً أن العلم الحديث أكد مسؤولية كلاهما عن إنتاج نوع الجنين.
ويضيف الدكتور العوضي بالقول: "تأتي إلينا أسر كثيرة ترغب في إنجاب الذكر، وأخرى بالعكس ترغب في إنجاب الأنثى ولكننا كأطباء نقف مكتوفي الأيدي وراء صنع شيء. وبعض الأطباء ينصحون مرضاهم بأكل أنواع خاصة من الطعام ولكن هذه النصائح لم تثبت علميتها.
العلم في خدمة رغبة الوالدين:
وبحسب د. شكري عودة (الطبيب المختص في زراعة الأجنة في غزة) فإن عمليات تحديد نوع الجنين ومن ثمَّ إجراء عمليات الإخصاب الخارجي باتت تجرى بناءً على رغبة الآباء في إنجاب الذكور بعد تجارب عديدة في إنجاب الإناث ويوضح د. عودة أن إجراء تلك العمليات تكون وفق شروط محددة كأن يكون أحد الوالدين بحاجة ماسة إلى إنجاب طفل ذكر، لافتاً إلى أنه من خلال إحدى مراكز الإخصاب والجراحة العامة بغزة، أجرى عمليات إخصاب خارجي بعد تحديد نوع الجنين لأسر حرمت من إنجاب الأطفال الذكور، فمنهم من أنجب خمس فتيات وأسرة أخرى أنجب الوالدان فيها اثني عشر فتاة، وبعد أن سئما من المحاولات لإنجاب طفل ذكر لجئا إلى المركز وتم إجراء العملية، مشيراً إلى أن نسبة نجاح عمليات الإخصاب الخارجي بعد تحديد نوع الجنين لا تزيد عن 30% أي أن ثلاث سيدات من بين 10 ينجحن في إنجاب طفل سليم منذ مراحل حمله الأولى.
وأكد الدكتور عودة على التكاليف الباهظة التي تتطلبها عملية فصل جنس الجنين وتقنيات زراعته في رحم الأم مجدداً، وأضاف أن المركز منذ العام 2009 أجرى عمليات لحوالي 50 حالة رغبوا في إنجاب الذكور بعد أن حرموا من إنجابهم، وأن الاتجاه لإنجاب الذكور يأتي وفقاً لعادات متوارثة لدى أفراد الشعب الفلسطيني الذين يجدون فيه العزوة واستمرار العائلة على امتداد العمر، بعكس الفتاة التي ينتهي ارتباطها باسم عائلتها فور زواجها فتنسب لعائلة الزوج.
أكثر وسائل تحديد النوع المتبعة:
تشير دراسات علمية إلى علاقة الغذاء الذي تتلقاه المرأة وإمكانية إنجاب نوع معين من الأطفال. فوفقاً لدراسة بريطانية فإن تناول المرأة لوجبات غذائية ذات سعرات حرارية منخفضة يزيد من احتمال إنجابها لمولود أنثى، والعكس تناولها لوجبات غذائية ذات سعرات حرارية عالية من شأنه أن يجعلها تنجب مولوداً ذكر، بينما تؤكد دراسة أخرى أن زيادة نسبة الصوديوم والبوتاسيوم في الغذاء مقابل انخفاض نسبة المغانيسيوم والكالسيوم تجعل فرصة المرأة لإنجاب أطفال ذكور أكبر، حيث إن تلك الزيادة في الصوديوم والبوتاسيوم تعمد إلى جذب الحيوان المنوي الذكري، وطرد الحيوان المنوي الأنثوي فتكون الفرصة مهيأة أكثر لإنجاب الذكور للأسر التي حرمت من إنجاب الذكور ورزقت بمواليد إناث على امتداد مرات الحمل التي تعرضت لها المرأة.
وأضافت الدراسة أن كميات الصوديوم موجودة في أنواع محددة من الأغذية، مثل: ملح الطعام. أما الأغذية المفعمة بعنصر البوتاسيوم تؤدي زيادتها إلى ازدياد الفرص في إنجاب الذكور فتكمن في رقائق الذرة، والفواكه الطازجة، خاصة الموز والمشمش كما توجد في بعض الخضراوات منها البازلاء والبطاطا الحلوة والطماطم وغيرها كما توجد في الخبز الأبيض والدجاج والديك الرومي والحبوب المجففة واللحوم والأسماك.
لذلك تعتبر الحمية الغذائية أكثر الطرق المتبعة لإنجاب الذكور.
الحمية الغذائية لإنجاب الذكور:
عادة ما تلجأ الأسر لاتباع نظام غذائي لمدة شهرين على الأقل قبل اتخاذ قرار الحمل، وتستمر الحمية إلى أن يحدث الحمل فقد وجد أن زيادة نسبة الصوديوم والبوتاسيوم في الغذاء وانخفاض نسبة الكالسيوم والمغنيسيوم يحدث تغييرات على جدار البويضة لجذب الحيوان المنوي الذكري، واستبعاد الحيوان المنوي الأنثوي وبالتالي نتيجة الحمل تكون ذكراً، أما زيادة نسبة الكالسيوم والمغنيسيوم في الدم وانخفاض الصوديوم والبوتاسيوم يجذب الحيوان المنوي الأنثوي ويستبعد الحيوان المنوي الذكري وبالتالي تكون نتيجة الحمل أنثى.
لذا فإن النساء اللاتي يفضلن الطعام المالح والطعام المحتوي على نسبة بوتاسيوم عالية كعصير البرتقال والموز ينجبن الذكور، بينما النساء اللاتي يفضلن الحليب ومشتقاته الذي يحتوي على نسبة عالية من الكالسيوم والأغذية التي تحتوي على المغنيسيوم كخبز النخالة والفول السوداني فإنهن ينجبن على الأغلب إناث، و الخوف من استخدام هذه الطريقة هو حدوث نقص في بعض الأملاح والعناصر الغذائية المطلوبة نتيجة استخدام الحمية لفترات طويلة عند عدم حدوث حمل.
توقيت الجماع:
توقيت الجماع من الوسائل المعمول بها لتحديد جنس الجنين، فنعتمد على الخصائص الفيزيائية للحيوان المنوي فالحيوان المنوي الذكري خفيف ونشيط ويموت سريعا، بينما الحيوان المنوي الأنثوي ثقيل وبطيء وهو ما يعطي فرصة نجاح إنجاب ذكر إذا كان الجماع في نفس وقت الإباضة بحيث تكون الحيوانات المنوية الذكرية سريعة الوصول للبويضة قبل الحيوانات المنوية الأنثوية
ومن عيوب هذه الطريقة على سهولة العمل بها، أن تحديد موعد الإباضة بدقة صعب لحد ما؛ لأنه يختلف من زوجة لأخرى، وقد يختلف من شهر لآخر عند المرأة نفسها.
الدش المهبلي:
من التقنيات التي تستخدمها السيدات توفير وسط قاعدي لإنجاب ذكر، و توفير وسط حمضي لإنجاب أنثى باستخدام دش مهبلي يحتوي على مادة قاعدية أو حمضية. وهذه الطريقة أيضا لها عيوبها فبعض النساء اللاتي يستخدمن محلول تم تحضيره في المنزل قد يسبب مشاكل في التبويض فيما بعد، عوضا أن هذه الطريقة لم يثبت أنها تحقق نجاحا فعليا لأن نسبة الحصول على الجنس المرغوب ضئيلة جدا.
ويعتمد الأطباء في هذه الطريقة على تغير الوسط الحامضي والقاعدي للمهبل عند المرأة، بحيث يكون النوع القاعدي ممثل للذكور والحامضي ممثلا للإناث.
الحمل الصناعي:
كما يمكن الحمل صناعيا باستخدام الحيوانات المنوية المفصولة في المختبر، أو الحمل عن طريق الأنابيب وبعد تكون خلايا الأجنة يمكن فحصها لمعرفة نوعها بحيث يتم نقل الأجنة ذات الجنس المطلوب إلى رحم الأم، ويحتاج الحمل الصناعي أو الأنابيب لوقت وجهد وتكلفة مادية، فضلا أن نسبة نجاح أطفال الأنابيب و الحمل الصناعي أقل من الحمل الطبيعي ولكنها تعطي نسبة نجاح في تحديد نوع الجنين قد تصل إلى 90%.
الجدول الصيني:
ومن التقنيات التي تستخدمها النساء دون الرجوع لمشورة طبية الجدول الصيني؛ لأن الجدول الصيني لا يعتمد على أدوية أو تقنيات طبية معينة ولا يعرف ما هو أصل الجدول الصيني، ولا يوجد دراسة تؤكد مصداقيته ولا نسبة نجاحه في عالمنا العربي، بينما يؤكد العلماء الصينيون إن صحة هذا الجدول تبلغ 99% وتعتمد هذه الطريقة على تحديد عمر الأم وقت الإخصاب والشهر الذي يتم فيه الحمل بحسب الجدول الصيني، ويمكن استخدامه بالرجوع إلى المراكز التي تعتمد على الطب الصيني في حالة عدم توفر معلومات كافية لدى السيدة عن الجدول الصيني لتحديد جنس الجنين.
نصائح للراغبين بإنجاب الذكور:
يقول الدكتور فتحي حامد طبيب نساء وتوليد،: "لا ننصح مرضانا باللجوء إلى أطعمة خاصة تعتمد على تنشيط الحامض القاعدي؛ لأنها مجرد تجارب لم تثبت صحتها حتى هذه اللحظة، هذا من جانب، فضلا عن أننا نبتعد قدر المستطاع عن أي مسكنات نعطيها للأسرة آملا في شيء لا يملكه أحد سوى الخالق عز وجل".
ويضيف، بعض الأطباء يقومون بالتدخل في تحديد نوع الجنين عن طريق الإخصاب الصناعي من خلال المزرعة قبل حقن البويضة خارج الرحم، حيث يتم اختيار الحيوانات المنوية ( X ) ذكور للحقن أكثر من الحيوانات المنوية ( y ) الإناث.
ويلفت، إلى أن هذه الطريقة ليس لها أي جدوى لأن حيوانات الذكور ربما تصلح لتلقيح البويضة ولكنها تموت بعد ذلك؛ لأن تحديد النوع مرتبط في المقام الأول بإرادة المولى عز وجل.
وينهى كلامه بالقول: "ن أغلب أطباء الخليج يجدون سوقا رائجا في مثل هذا النوع من العمليات، و يعتمدون فيها على الوسط الحامضي والقاعدي المسؤول عن تحديد نوع الجنين ولكن ذلك ليس علميا".
من جهتها، نوهت الدكتورة سناء إلى أن استخدام أكثر من طريقة لتحديد نوع الجنين يعد الأفضل، بحيث يمكن استخدام الدش المهبلي وتوقيت الجماع واستخدام الحمية الغذائية المطلوبة في الوقت نفسه، أو أي مجموعة من وسائل تحديد جنس الجنين مع بعضها.
كما أكدت أن جميع التقنيات المعمول بها لا تؤثر على الجنين ولا على نموه فيما بعد، لكن ترك الأمور عل طبيعتها يعد الأفضل صحيا، فالحيوان المنوي الصحي والأكثر نشاطا هو من يصل للبويضة لتلقيحها أولا، وبالتالي ينتج جنين أفضل سواء كان ذكر أو أنثى.
-----------
المصدر: لها أون لاين
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق